13‏/08‏/2013

شكيب خليل مطلوب للعدالة

الشبكة كانت “تحلب” سوناطراك طوال ثماني سنوات
القضاء يصدر مذكرة توقيف دولية في حق شكيب خليل وزوجته ونجليه
 
خليل أرسل في 13 ماي رسالة للقاضي قال إنه مريض في أمريكا والطبيب منعه من السفر لشهرين
شبكة فساد دولية تشمل 20 متهما إضافة إلى شركتي “سايبام” و"أوراسكوم”
قاضي التحقيق استدعى شكيب وتم تفتيش منزليه في وهران والجزائر
 أصدر قاضي التحقيق في قضية “سوناطراك 2” مذكرة توقيف دولية في حق وزير الطاقة السابق، شكيب خليل وزوجته وابنيه، وحجز أمواله وممتلكاته وعقاراته، بتهمة تكوين شبكة للجريمة المنظمة وتبييض الأموال وتلقي عمولات في صفقات تخص شركة سوناطراك، امتدت من 2003 إلى 2011.
 كشف النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر بلقاسم زغماتي أن قاضي التحقيق المكلف بقضية الفساد الشهيرة بـ«سوناطراك 2” أصدر تسع مذكرات توقيف دولية تشمل وزير الطاقة السابق شكيب خليل وزوجته وابنيه، وفريد بجاوي نجل شقيق وزير الخارجية الجزائري الأسبق محمد بجاوي. وذكر زغماتي في ندوة صحفية عقدها أمس أن مذكرات التوقيف الدولية دخلت حيز التنفيذ منذ أسبوعين شملت أيضا أربعة أسماء أخرى رفض الكشف عن أسمائها، مشيرا إلى أن السلطات القضائية بصدد تكوين ملف لاستلام أي من المتهمين حال توقيفه في أي دولة. وأعلن أن “قاضي التحقيق أصدر أمرين بالإيداع في حق متهمين يوجدان رهن الحبس المؤقت، فيما يوجد متهمان اثنان تحت الرقابة القضائية، وإضافة إلى تسعة أوامر بالقبض دولية”.
وأكد النائب العام لمجلس قضاء الجزائر أن “شكيب خليل الذي تم تفتيش منزليه في وهران والجزائر لم يكن معنيا بقضية سوناطراك 1، لكنه معني بكل التهم المعلنة في قضية سوناطراك 2، وقاضي التحقيق وقبل إصدار مذكرة التوقيف الدولية، أرسل إليه استدعاء، وتأكد من تسلمه له، لكن وزير الطاقة السابق أرسل في 13 ماي الماضي رسالة إلى القاضي يؤكد له فيها أنه موجود في الولايات المتحدة الأمريكية وأنه مريض وأن الطبيب منعه من السفر لمدة شهرين، وأرفق الرسالة بشهادة طبية تثبت ذلك، وبعد انتهاء فترة الشهرين، كان لزاما على قاضي التحقيق أن يصدر مذكرة التوقيف الدولية”.
وبشأن ما إذا كانت الجنسية الأمريكية التي يحوزها شكيب خليل قد تحول دون تسليمه إلى الجزائر من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، قال زغماتي: “بالنسبة للجزائر شكيب خليل جزائري ومارس مسؤوليات في المؤسسات الجزائرية وكونه يحمل الجنسية الأمريكية أمر لا يعنينا”.
شكيب خرج من مطار وهران لأنه لم يكن حينها قيد الاتهام
وبشأن سماح السلطات الجزائرية لشكيب خليل بالخروج من مطار وهران قبل أشهر رغم ورود اسمه في القضية، قال النائب العام “قبل صدور مذكرة التوقيف الدولية كان شكيب خليل حرا، وعندما وجه له قاضي التحقيق الاستدعاء لم يكن في صفة متهم، وكان مذكورا في القضية كشاهد ولم يكن هناك ضده أي اتهام، وكان حرا في تحركاته”، ونفى علمه “ما إذا كان قد دخل الجزائر ولا أريد أن أجزم إن كان قد زار الجزائر قبل صدور مذكرة التوقيف الدولية”.
وقال النائب العام لمجلس قضاء الجزائر أنه تم تجميد الحسابات البنكية لشكيب خليل وأفراد أسرته المتهمين، وكذا عقاراته وأمواله المنقولة التي ثبت صلتها بالقضية في الجزائر، كما سرت نفس الإجراءات على كل المتهمين البالغ عددهم 22 متهما، بينهم متهمون ذوو طبيعة معنوية وهما شركة “سايبام” الإيطالية وشركة “أوراسكوم”، وجهت لهم تهم الرشوة وتبييض الأموال وإبرام صفقات مخالفة لقانون الصفقات الجزائري وتكوين شبكة للجريمة عابرة للحدود. وأضاف زغماتي أن هذه الشبكة الدولية “ارتكبت جرائمها طوال ثماني سنوات في الفترة بين 2003 إلى غاية 2011”. وعاد إلى بداية القضية، مشيرا إلى أن “تحريك الدعوى العمومية بدأ في 14 أكتوبر الماضي وكان عقد الاتهام يشمل 10 أشخاص منهم شخص معنوي واحد هو شركة “سايبام” الإيطالية، قبل أن يتم توسيع التحقيقات والتي توصلت إلى 12 شخصا متهما آخر بينهم شخص معنوي آخر هو شركة “أوراسكوم” للصناعة، ليصبح مجموع المتهمين 22 متهما”.
نحن أمام أخطبوط والعمولات كانت تدفع بطرق بنكية معقدة أو إلى أسر المسؤولين
 وأوضح النائب العام لمجلس قضاء الجزائر أن “التحقيق في قضية سوناطراك 2 أثبت أننا أمام أخطبوط ممتد من الجزائر إلى لبنان والإمارات وإيطاليا وفرنسا وسويسرا، والى هونغ كونغ وسنغافورة، وشبكة دولية منظمة تتولى منح أو تلقي الرشاوى والعمولات مقابل تسهيل حصول بعض المتعاملين الأجانب والظفر بعقود مع شركة سوناطراك، وهذه المبالغ المالية الضخمة كان يتلقاها مسؤولون في قطاع الطاقة، ومسؤولون في شركة سوناطراك وتصل إليهم عبر تقنيات بنكية جد معقدة، وعبر بلدان مختلفة في كل القارات تقريبا”، مشيرا إلى أن “هذه المبالغ كانت تدفع إلى المسؤولين مباشرة أو إلى أحد أعضاء أسرتهم أو إلى شخص مقرب منهم، وآثار هذه العمليات تم الوقوف عليها في دول الخليج كالإمارات العربية والولايات المتحدة ودل في أوروبا وآسيا”، وكشف أن “بعض العمولات والرشاوى في بعض الصفقات كانت تفوق 200 مليون دولار أو 175 مليون أورو، والتحقيقات أثبتت أن هناك أموالا ضخمة حولت إلى الخليج خاصة إلى الإمارات العربية، وجزء منها ضخت في استثمارات عقارية في دول الخليج وأوروبا”. وأعلن زغماتي أن العدالة الجزائرية “اتخذت إجراءات دولية بالتعاون مع السلطات القضائية في الدول المعنية لمعرفة البنوك وتحديد الحسابات التي توجد فيها هذه الأموال التي أثبت أنها ذات صلة بالمتهمين أو بالشركات قيد الاتهام واسترجاعها”، وأعلن عن قرب “استرجاع أموال من سويسرا بعد موافقة أحد المتهمين، لكون القانون السويسري يسمح باسترجاعها في حال وافق المتهم”. وقال “أنا متفائل بإمكانية إعادة الأموال المنهوبة من الخارج، هناك تعاون إيجابي بين السلطات القضائية في الجزائر وكل السلطات القضائية في الدول التي هي معنية بالقضية وخاصة فرنسا وإيطاليا وسويسرا”.
من حق الرأي العام أن يعرف الحقيقة
واعتبر زغماتي مبادرته بكشف هذه المعلومات “تجسيدا لحق المواطن في الإعلام وحق الرأي العام في معرفة كل التطورات الخاصة بقضية سوناطراك”، ونفى أن يكون تحرك العدالة في الجزائر جاء كرد فعل على تحرك سلط قضائية أجنبية في القضية، وقال “عليّ أن أرفع اللبس عن مغالطة، تحاول الإيهام بأن العدالة الجزائرية لم تتحرك إلا بعد أن تحركت العدالة في الخارج، وبعد صدور مقالات صحفية في إيطاليا، هذه المقاربة خاطئة، لقد بينت في البيان الصحفي الأول أن قضية سوناطراك 2 هي امتداد لقضية سوناطراك 1، والذي حصل أن قاضي التحقيق المكلف بقضية سوناطراك 1 أصدر إنابات قضائية إلى عدد من الدول وخاصة القضاء الفرنسي، ونظرا لكثافة العمل الذي طلبه قاضي التحقيق من نظيره الفرنسي، قرر تجزئة التحقيق إلى شطرين، واختارت العدالة تصفية الملف القضائي لسوناطراك 1 في سبتمبر 2011”.
وأضاف زغماتي “توصلنا إلى نتائج الإنابة القضائية التي طلبناها من القضاء الفرنسي، في جويلية 2012، أي بعد تصفية قضية سوناطراك 1، وفي أفريل 2012 وردت إلينا إنابة قضائية من سويسرا وكان موضوعها يدور حول طلب الاستماع إلى شخص متهم في قضية سوناطراك 1، وبالفعل استمع القاضي السويسري إلى هذا المتهم للتأكد من التهم الموجهة إليه وطلب نسخة من ملف القضية، وفي أوت 2012 توصلنا إلى نتائج الإنابة القضائية الواردة من العدالة الإيطالية بعدما طُلبت في مارس 2012، حيث طلب القاضي الإيطالي معلومات عن نفس الشخص المتهم الذي كان القضاء الجزائري قد عالج قضيته في قضية سوناطراك 1، وأمام كل هذه المعطيات كان علينا أن نفصل، إما أن ندرج نفس المعلومات في ملف سوناطراك1، أو أن نؤسس ملفا جديدا سمي بسوناطراك 2، واخترنا الحل الثاني”، مشيرا إلى أن العدالة الجزائرية تحركت في قضية سوناطراك 2 بناء على المعلومات الهامة التي توصلت إليها الضبطية القضائية المكلفة بالتحقيق في قضية سوناطراك 2، وعلى المعلومات التي توصلنا إليها من الإنابات القضائية في الخارج.
التحقيق لم يغلق
ولم يغلق النائب العام الباب أمام إمكانية بروز معطيات جديدة في التحقيقات، وقال “التحقيق القضائي لايزال في بدايته وهو يسير بصفة طبيعية وبدون أي ضغوط، وسوف يسير بسرعة أكبر بعد التوصل إلى نتائج كل الإنابات القضائية الخارجية وهي كلها مهمة، ولا نريد أن نتسرع”، وقال “هذا درس كبير للجزائر وللجزائريين، علينا أن نكون غيورين على ثرواتنا وشركاتنا”. وحول ما إذا كان يمكن للعدالة فسخ الصفقات التي أبرمت عبر هذه الشبكة الدولية، قال زغماتي إن “تلك الصفقات انتهت ونالت منها الشركات ما نالت”. ورفض النائب العام لمجلس قضاء الجزائر الحديث عن المسؤولية السياسية في هذه الفضيحة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق